ندمت فرنسا على عقد الهدنة خوفا من أن يتسع نفوذ الأمير
و تتقوى دولته أكثر فعمدت إلى نقض الهدنة بتنحية دي ميشال عن حكم وهران و تنصيب
الجنرال تريزل حاكما جديدا عليها، و كان من أشدّ المعارضين للمعاهدة، فنقضها
بالمهاجمة على جيش الأمير عبد القادر بجيش ضخم يتجاوز 10 آلاف جندي، فهزم جيش
الأمير بغابة مولاي إسماعيل فقتل أكثر من 150 جنديا. ففر الجيش الفرنسي تحت
الضربات القاسية للمجاهدين، لكن الأمير عبد القادر أغلق في وجهه الطريق إلى أرزيو،
فعاد جيش تريزل عبر مسلك واحد و هو نهر المقطع فنجحت خطة الأمير عندما أحاط
المجاهدون بالجيش الاستعماري من كل الجهات فأشعلوا فيه النار و دبت الفوضى فيه،
فقتلوا و أسروا أغلبهم و استولوا على العتاد و الأسلحة و المؤن و هرب تريزل مع
القليل من جنده الناجين من ضربات جيش الأمير. وتعتبر معركة المقطع في 1835 من أشهر
معارك الأمير التي تظهر دهاءه العسكري.
عزلت الحكومة الفرنسية الجنرال تريزل بعد هزيمته في
معركة المقطع التي أثارت الرأي العام الفرنسي، و عينت مكانه الجنرال كلوزيل كحاكم
جديد لوهران، فطلب من حكومته دعما بجيش كبير للانتقام من الأمير، وسطر هدفه بقوله » لقد عزمنا على
الانتقام من الأمير، لأنه انتصر على تريزل في المقطع و كبده من الخسائر ما لا
يعلمه إلا الله، ولن نرتاح حتى نكيل له خسائر فادحة، ونقصيه عن دار ملكه- معسكر- و
بذلك يدرك الجزائريون أن الأمير مزعزع، و أن مكانته قد انهارت«.
فجرت
عدة معارك في معسكر و تلمسان و غيرهما تكبّد فيها كلوزيل هزائم شنيعة و كاد جيشه أن يموت جوعا في تلمسان و يحكى
عن الجنرال كافينياك أحد قادة الجيش الاستعماري أنه كان يشتري لمائدته بسعر يقدر
بـ 40 فرنك ليسد جوعه.