
ففي رأس السنة القمرية لدى
الفيتناميين، الذي يوافق ليلة 3031 كانون الثاني من العام ,1968 شنّ 70 ألف مقاتل
من القوات الفيتنامية المقاومة عشرات الهجمات المتزامنة في نحو 100 مدينة وقرية في
فيتنام، استهدفت المراكز الحكومية والاميركية الكبرى، وخاصة في مدينة سايغون التي
تضمّ مراكز إدارية وعسكرية مهمة للحكومة الفيتنامية المتعاونة مع الاحتلال
الاميركي، بالاضافة إلى مقرّ السفارة الاميركية، والاذاعة العامة الحكومية. وشهدت
هذه المدينة وحدها 35 معركة.
وكان للهجوم الدامي على السفارة
الاميركية في سايغون وقع إعلامي كبير، بسبب تدني مستوى الاداء الاميركي في الدفاع
عنها، حيث اقتحمها الثوار بسهولة.جاء الهجوم بمثابة ضربة لأحلام
الولايات المتحدة بتحقيق فوز سريع في الحرب، وارتفعت وتيرة الانتقاد الموجّه
لإدارة الرئيس ليندون جونسون، الذي هبطت شعبيته بسرعة في أعقاب هذا الهجوم، فعزف
عن الترشح مجدداً في الانتخابات الرئاسية في آذار العام .1968 وقد شكّل نصراً
معنوياً ونفسياً كبيراً للمقاومة الفيتنامية، على الرغم من الخسائر البشرية
الجسيمة التي مُني بها الثوار.
وسجل الهجوم على نطاق واسع بوصفه في
حرب فيتنام حيث راحت تتصاعد حركة الاحتجاج المدنية الاميركية ضد الحرب، وتزايدت الانتقادات
في الصحف الاميركية. ووقتها، قال وزير الخارجية الاميركية الاسبق هنري كيسنجر من
الآن فصاعداً، ومهما تكن فاعلية تحركاتنا، لن تتمكن الاستراتيجية المتبعة من تحقيق
أهدافها عبر فترة أو عبر درجات من القوة مقبولة سياسيا من الشعب الاميركي.
وقد كلّفت حرب فيتنام 30 مليار
دولار سنوياً، ونُظر إليها بعد على
أنها مستعصية على الفوز من قبل الاميركيين. وكانت المسألة مسألة وقت قبل أن يقرر
الاميركيون الانسحاب من فيتنام، وإن امتدّ هذا لسنوات
حتى نيسان العام ,1975 مع استسلام حكومة جنوبي فيتنام وانسحاب القوات الاميركية مع
اجتياح الثوار لمدينة سايغون.
وبعد الهجوم، طلب قائد القوات
الاميركية في جنوبي فيتنام، الجنرال وليام وستمورلند، 206 آلاف جندي أميركي إضافي،
ما نسبته 40 في المئة من القوات الموجود أصلاً هناك. وشكّل هذا الطلب الذي سُرّب
إلى الاعلام فضيحة أخرى لم يسلم منها وستمورلند، الذي نقل من فيتنام إلى منصب
رئاسة هيئة أركان الجيش الاميركي في الولايات المتحدة. وهو قرار وصفه الكثيرون بالرديء