التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مصطفى كمال أتاتورك

مصطفى كمال أتاتورك  ولد في 19 مايو 1881 في مدينة سلانيك اليونانية وكانت تابعة للدولة العثمانية وقتئذ وتوفي في 10 نوفمبر 1938. أطلق عليه اسم الذئب الأغبر، واسم أتاتورك (أبو الأتراك) وذلك للبصمة الواضحة التي تركها عسكريا في الحرب العالمية الأولى وما بعدها وسياسيا بعد ذلك وحتي الآن في بناء نظام جمهورية تركيا الحديثة.


 أتاتورك  هو في الحقيقة بطل قومي في أعين الأتراك، ورمز تحريري ونضالي منع تمزق الجسد التركي، وبطل حرب الاستقلال الذي دفع بقوات الحلفاء خارجها، وعزل السلطان الضعيف محمد وحيد الدين الذي قدَّم تركيا على طبق من ذهب للحلفاء في معاهدة سيفر المهينة، التي حرصت على الإبقاء على الخلافة شكليًّا، ومزقت أوصال تركيا عسكريًّا، جغرافيًّا وحدوديًّا وأبقتها خارج الحدود الأوروبية.

عندما تولى أتاتورك السلطة قام بتدشين حملة واسعة من الإصلاحات وفقًا للمبادئ الكمالية التي عرفت بالسهام الستة، وهي القومية التركية وتعزيز الشعور القومي خلافًا للإسلامي الذي كان متسيدًا، وقد عرف بخطبه بعبارة “سعيد هو من ولد تركيا”، 

ثانيًا: الجمهورية وهي عكس النظام الأوتوقراطي السلطاني الرجعي، ولو أن بلاده لم تعرف الانتقال للديمقراطية متعددة الأحزاب إلا لاحقًا، وهو نموذج استعاره جمال عبد الناصر وغيره من العلمانيين العرب،

 ثالثًا: العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة، وقد كانت علمانية أتاتورك لائكية اجتثت الأعراف الإسلامية من القانون التركي تمامًا، فمنع النقاب وتعدد الزوجات، ومنح المرأة حقوقها في المساواة كاملة حتى إنها شاركت في البرلمان التركي تصويتًا وتمثيلاً قبل فرنسا بأحد عشر عامًا!.

رابعًا: الشعبوية وهنا كانت أهم إصلاحاته العظيمة، فقد كان النظام السلطاني طبقيًّا منحطًا أنتج أمة من الأميين غير المتعلمين، فأزال أتاتورك الطبقية تلك تمامًا، وجعل التعليم مجانيًّا وإجباريًّا حتى تلحق تركيا بركب الحداثة، والرعاية الصحية مجانية تحت إشراف الدولة.

 خامسًا: مركزية الدولة، وهي فكرة اشتراكية كانت ضرورية حسب المنظور الأتاتوركي لفض الإرث الطبقي الذي خلفته السلطنة. وأخيرًا الثورية حتى تبقى روح التغيير متوقدة لدى الشعب في حراك ديناميكي مستمر لمستقبل أفضل.. وكما ذكر الباحث “باتريك كينروس” كل مبدأ من تلك المبادئ متشابك مع الآخر، فتركيز السلطة بيد الدولة هو من أجل حماية الشعب ضد الطبقية والاستغلال، والعلمانية تحمي الجمهورية التي تحمي الدولة من العدوان الخارجي عبر القومية، والثورية تربط هذا كله بعروة وثقى واحدة.


من المنظور القومي التركي هو بطل لا يشق له غبار، أنقذ تركيا من مصير التمزق والتفكيك والتوزيع بين الأرمن واليونانيين، الروس والإنجليز .. وبنى الجمهورية التركية الحديثة.اليوم تركيا تعيش ازدهارًا تحت حكم علماني إسلامي شذبه التراث الأتاتوركي، قد تكون مصداقًا لأول ميلاد حقيقي للمجتمع ما بعد العلماني، حيث تعيش العلمانية والتدين بتناغم وانفتاح على بعضهما، والتي يشترط فيها أن يكون المجتمع قد تعلمن لدرجة ما لتهذيب سلطوية وشمولية الخطاب الديني. 


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معاهدة دي ميشال 1834 مع الامير عبد القادر

أمام ضغط جيش الأمير عبد القادر عمل دي ميشال الحاكم الفرنسي بوهران من أجل عقد هدنة مع الأمير، فلجأ إلى حيلة تسمح له بالاتصال بالأمير و إقتراح الهدنة عليه فعمد دي ميشال إلى مرافقة بعض جنده لخونة جزائريين كانوا يزودون جيش الاحتلال بالمواد الغذائية، فألقى جيش الأمير القبض عليهم، فطار دي ميشال فرحا لان ذلك كان وسيلة للاتصال بالأمير عبد القادر و محادثته بشأن الأسرى و اقتراح الهدنة عليه. إلا أن الأمير عبد القادر رفض اقتراحات دي ميشال في البداية لكنه بعد استشارة المجلس الشوري و التفكير العميق بالمعاهدة التي كانت تنص على توقيف القتال و إطلاق سراح الأسرى و حرية التجارة.   و كان هدف الأمير عبد القادر من قبوله المعاهدة هو إيجاد متسع من الوقت لمواصلة بناء دولته و تصنيعها خاصة و أنها تسمح له باستيراد الأسلحة و الآلات الصناعية من أوروبا عبر البحر. نصت المعاهدة   على المواد التالية : "ان القائد العام للقوات الفرنسية في مدينة وهران وأمير المؤمنين سيدي الحاج عبد القادر بن محي الدين قررا العمل بالشروط التالية : المادة الاولى : ان الحرب بين الفرنسيين والعرب ستتوقف منذ اليوم وان ...

نقض معاهدة دي ميشال و انتصارات الأمير عبد القادر

ندمت فرنسا على عقد الهدنة خوفا من أن يتسع نفوذ الأمير و تتقوى دولته أكثر فعمدت إلى نقض الهدنة بتنحية دي ميشال عن حكم وهران و تنصيب الجنرال تريزل حاكما جديدا عليها، و كان من أشدّ المعارضين للمعاهدة، فنقضها بالمهاجمة على جيش الأمير عبد القادر بجيش ضخم يتجاوز 10 آلاف جندي، فهزم جيش الأمير بغابة مولاي إسماعيل فقتل أكثر من 150 جنديا. ففر الجيش الفرنسي تحت الضربات القاسية للمجاهدين، لكن الأمير عبد القادر أغلق في وجهه الطريق إلى أرزيو، فعاد جيش تريزل عبر مسلك واحد و هو نهر المقطع فنجحت خطة الأمير عندما أحاط المجاهدون بالجيش الاستعماري من كل الجهات فأشعلوا فيه النار و دبت الفوضى فيه، فقتلوا و أسروا أغلبهم و استولوا على العتاد و الأسلحة و المؤن و هرب تريزل مع القليل من جنده الناجين من ضربات جيش الأمير. وتعتبر معركة المقطع في 1835 من أشهر معارك الأمير التي تظهر دهاءه العسكري. عزلت الحكومة الفرنسية الجنرال تريزل بعد هزيمته في معركة المقطع التي أثارت الرأي العام الفرنسي، و عينت مكانه الجنرال كلوزيل كحاكم جديد لوهران، فطلب من حكومته دعما بجيش كبير للانتقام من الأمير، وسطر هدفه بقوله » لقد عزمن...

رحلة الامير عبد القادر الى الحج

عندما بلغ والده محي الدين الخمسين من عمره أراد الحج إلى البقاع المقدسة، و رفض أن يرافقه أي أحد إلا ابنه الرابع عبد القادر الذي لم يبلغ بعد 17 سنة من عمره، فعندما سمع الناس بالخبر أتوا من كل الجهات لتوديع محي الدين و ابنه ، فخشي الحاكم العثماني في وهران من تحول التجمع الضخم إلى ثورة ضد النظام الفساد فاضطر إلى احتجازهما لمدة سنتين بوهران، خاصة و أن محي الدين كان من أشد المعارضين لهذا النظام الذي قسم الشعب إلى فئات تتقاتل فيما بينها عملا بسياسة " فرق تسد" و الهدف من ذلك هو الحفاظ على المصالح الخاصة للنظام الذي كان ينهب عرق الشعب و يفرض ضرائب باهضة عليه مما يسمح لحاشية النظام مواصلة حياة الرّغد و الترف بينما الشّعب يموت جوعا، فكيف يقبل محي الدّين و ابنه عبد القادر بذلك و هما المتشبعان بحب العدل الذي ألح عليه الإسلام. و بعد سنتين من الاحتجاز تدخل داي الجزائر فسمح لهما بالذهاب إلى الحج معتقدا بأن ذلك وسيلة لإبعادهما عن البلاد و لو لمدة قصيرة. فعبرا تونس و وصلا إلى الإسكندرية عبر البحر المتوسط ليصلا إلى البقاع المقدسة برا، و عادا من الحد عبر دمشق و زارا قبر الولي الصالح عبد القاد...