تعلم عبد القادر
القراءة و الكتابة و عمره لا يتجاوز خمسة سنوات و حفظ القرآن الكريم و كانت له
معرفة بأصول الشريعة و لم يتجاوز 12 سنة من عمره. و أرسله أبوه محي الدين لمواصلة
دراسته بمدرسة سيدي أحمد خوجة بوهران لكنه لم يبقى طويلا هناك لأن طريقة التدريس
التقليدية لم تعجبه فعاد إلى القيطنة ليتلقى العلوم الحديثة على يدي سيدي أحمد ابن
طاهر قاضي أرزيو، فدرس الحساب و الفلك و الجغرافيا، مثلما اهتم بالشؤون الأوروبية و ما يحدث فيها
من تطورات علمية و تقدم كبير في الوقت الذي كان فيه العالم الإسلامي يتخبط في
التخلف، الانحطاط، الضعف و الخرافة. فكان الأمير عبد القادر يؤمن منذ صغره بضرورة
إخراج المسلمين من التخلف و استعادة أمجادهم الحضارية. و لا يمكن أن يتأتى لهم ذلك
إلا بالعودة إلى مبادئ دينهم الحقيقية و الاهتمام بالعلوم الحديثة.
و
لم يكتفي الشاب عبد القادر بتلقي العلوم الدينية و الدنيوية بل اهتم أيضا بركوب
الخيل و القتال، فتفوق في ذلك على غيره من الشباب و بذلك كان من القلائل جدا الذين
جمعوا بين العلوم الدينية و الفروسية، عكس ما كان عليه الوضع آنذاك إذ انقسم
المجتمع إلى المرابطين المختصين في الدين، و الأجواد المختصين في الفروسية و فنون
القتال.
إن إدراك الأمير بأن الإنسان يتكون من عقل و جسد و
روح و مشاعر و جعله يهتم بكل هذه الجوانب فكان عابدا لله إلى درجة تصوف و عالما
بالدين و العلوم الحديثة مثلما كان فارسا قوي الجسد، إلى جانب الحس المرهف فنظم
الشعر بكل أنواعه وكان يعتبر أهم الفنون آنذاك، وقد أكسبه ذلك حنانا وعطفا وحبا
للناس.