التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نقض المعاهدة و تجدد القتال مع الامير عبد القادر

نقض الجيش الفرنسي المعاهدة مرة أخرى كعادته و ذلك عندما عبر اراضي دولة الأمير دون إذن منه، فأدرك الأمير أن الجيش الفرنسي كان يعمل من أجل مهاجمته خوفا من تزايد قوة دولته، فأرسل رسائل إلى نوابه يقول لهم فيها إن الكافر قد جابهنا بالخيانة، و دليل خيانته واضح كالنهار، لقد عبر بلادي دون إذنين فاجمعوا شملكم و اربطوا أحزمتكم استعدادا للمعركة. إنها على الأبواب... كونوا عاجلين في عملكم، و سارعوا على الانضمام إليّ في المدية حيث أنتظركم.
فاجتمع رجال دولة الأمير في المدية لنقاش المسألة فاتفق جميعهم على العودة إلى القتال فقال لهم الأمير ليكن ذلك ما دامت هذه هي رغبتكم. ولكني أقبل المسؤوليّة بشرط واحد. إنّكم ستتعرّضون للتعب و المشقة و المحن و الخيبات، و قد تقنطون أو تتعبون من الحرب، فأقسموا لي إذن على القرآن الكريم أنّكم لن تتخلوا عنّي أبدا ما دمت أحمل راية الجهاد ، فأقسم له الجميع بذلك. و أخبر الأمير الحاكم العامّ الفرنسي بإعلانه الحرب عليه لأنّه ليس من يم الأمير الخديعة و الخيانة و الغدر و نقض العهود مثل القادة الفرنسيين.
و لم يطلب الأمير من قادته القسم إلا لأنّه يعرف مدى المصاعب التي سيلاقونها لأن الحكومة الفرنسيّة صمّمت على احتلال الجزائر كلها و لو كلف ذلك إرسال مئات الآلاف من جندها إلى هذه البلاد الطاهرة و كانت تعلم أنها لو لم تقض على الأمير و دولته فإنّ دولة قويّة مسلمة ستظهر في العالم الإسلامي مما يمنع الإستعمار الأوروبي من تحقيق أطماعه في هذه البلاد، لكن الحكام المسلمون كانوا في سبات عميق غافلين عمّا كان يدور حولهم.

فعادت رحى الحرب بمهاجمة جيوش الأمير عبد القادر مواقع للجيش الاستعماري،    و كاد ابن سالم أن يحرّر مدينة الجزائر حيث أباد المعمّرين الذين استولوا على أراضي متيجة الخصبة، لكن الأمير عبد القادر لم يستع مواجهة الجيش الفرنسي الضخم الذي كان يفوقه عددا و عدة و يملك أسلحة متطورة، فلجأ  الأمير إلى التنقل بين المناطق ثم مباغتة الجيش الفرنسي. فساء وضع الأمير العسكعري خاصة بعد تحطيم زمالته في عام 1843 و هي عبارة عن عاصمته المتنقلة.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معاهدة دي ميشال 1834 مع الامير عبد القادر

أمام ضغط جيش الأمير عبد القادر عمل دي ميشال الحاكم الفرنسي بوهران من أجل عقد هدنة مع الأمير، فلجأ إلى حيلة تسمح له بالاتصال بالأمير و إقتراح الهدنة عليه فعمد دي ميشال إلى مرافقة بعض جنده لخونة جزائريين كانوا يزودون جيش الاحتلال بالمواد الغذائية، فألقى جيش الأمير القبض عليهم، فطار دي ميشال فرحا لان ذلك كان وسيلة للاتصال بالأمير عبد القادر و محادثته بشأن الأسرى و اقتراح الهدنة عليه. إلا أن الأمير عبد القادر رفض اقتراحات دي ميشال في البداية لكنه بعد استشارة المجلس الشوري و التفكير العميق بالمعاهدة التي كانت تنص على توقيف القتال و إطلاق سراح الأسرى و حرية التجارة.   و كان هدف الأمير عبد القادر من قبوله المعاهدة هو إيجاد متسع من الوقت لمواصلة بناء دولته و تصنيعها خاصة و أنها تسمح له باستيراد الأسلحة و الآلات الصناعية من أوروبا عبر البحر. نصت المعاهدة   على المواد التالية : "ان القائد العام للقوات الفرنسية في مدينة وهران وأمير المؤمنين سيدي الحاج عبد القادر بن محي الدين قررا العمل بالشروط التالية : المادة الاولى : ان الحرب بين الفرنسيين والعرب ستتوقف منذ اليوم وان ...

نقض معاهدة دي ميشال و انتصارات الأمير عبد القادر

ندمت فرنسا على عقد الهدنة خوفا من أن يتسع نفوذ الأمير و تتقوى دولته أكثر فعمدت إلى نقض الهدنة بتنحية دي ميشال عن حكم وهران و تنصيب الجنرال تريزل حاكما جديدا عليها، و كان من أشدّ المعارضين للمعاهدة، فنقضها بالمهاجمة على جيش الأمير عبد القادر بجيش ضخم يتجاوز 10 آلاف جندي، فهزم جيش الأمير بغابة مولاي إسماعيل فقتل أكثر من 150 جنديا. ففر الجيش الفرنسي تحت الضربات القاسية للمجاهدين، لكن الأمير عبد القادر أغلق في وجهه الطريق إلى أرزيو، فعاد جيش تريزل عبر مسلك واحد و هو نهر المقطع فنجحت خطة الأمير عندما أحاط المجاهدون بالجيش الاستعماري من كل الجهات فأشعلوا فيه النار و دبت الفوضى فيه، فقتلوا و أسروا أغلبهم و استولوا على العتاد و الأسلحة و المؤن و هرب تريزل مع القليل من جنده الناجين من ضربات جيش الأمير. وتعتبر معركة المقطع في 1835 من أشهر معارك الأمير التي تظهر دهاءه العسكري. عزلت الحكومة الفرنسية الجنرال تريزل بعد هزيمته في معركة المقطع التي أثارت الرأي العام الفرنسي، و عينت مكانه الجنرال كلوزيل كحاكم جديد لوهران، فطلب من حكومته دعما بجيش كبير للانتقام من الأمير، وسطر هدفه بقوله » لقد عزمن...

رحلة الامير عبد القادر الى الحج

عندما بلغ والده محي الدين الخمسين من عمره أراد الحج إلى البقاع المقدسة، و رفض أن يرافقه أي أحد إلا ابنه الرابع عبد القادر الذي لم يبلغ بعد 17 سنة من عمره، فعندما سمع الناس بالخبر أتوا من كل الجهات لتوديع محي الدين و ابنه ، فخشي الحاكم العثماني في وهران من تحول التجمع الضخم إلى ثورة ضد النظام الفساد فاضطر إلى احتجازهما لمدة سنتين بوهران، خاصة و أن محي الدين كان من أشد المعارضين لهذا النظام الذي قسم الشعب إلى فئات تتقاتل فيما بينها عملا بسياسة " فرق تسد" و الهدف من ذلك هو الحفاظ على المصالح الخاصة للنظام الذي كان ينهب عرق الشعب و يفرض ضرائب باهضة عليه مما يسمح لحاشية النظام مواصلة حياة الرّغد و الترف بينما الشّعب يموت جوعا، فكيف يقبل محي الدّين و ابنه عبد القادر بذلك و هما المتشبعان بحب العدل الذي ألح عليه الإسلام. و بعد سنتين من الاحتجاز تدخل داي الجزائر فسمح لهما بالذهاب إلى الحج معتقدا بأن ذلك وسيلة لإبعادهما عن البلاد و لو لمدة قصيرة. فعبرا تونس و وصلا إلى الإسكندرية عبر البحر المتوسط ليصلا إلى البقاع المقدسة برا، و عادا من الحد عبر دمشق و زارا قبر الولي الصالح عبد القاد...