
كان عبد القادر الابن الثالث لمحي الدين (سيدي محي الدين): شيخ الطريقة الصوفية القادرية ومؤلف "كتاب ارشاد المريدين" الموجه للمبتدئين وأمه الزهرة بنت الشيخ سيدي بودومة شيخ زاوية حمام بوحجر وكانت سيدة مثقفة. ولد حوالي 6 ماي وقيل 6 بتمبر 1808 بقرية القيطنة بولاية معسكر.
و رغم أن عبد القادر من أهل البيت إلا أنه كان يرفض رفضا قاطعا استغلال
نسبه وأصله لاكتساب الاحترام و التقديس و طاعة الناس، فكان يقول" لا تسألوا
أبدا ما هو اصل الإنسان و فصله، بل اسألوا حياته و أعماله و شجاعته و مزاياه، و
عندئذ تدركوا من يكون ". و كان يستوحي ذلك من روح الإسلام الذي سوّى بين
البشر مهما كان أصلهم، و أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول» كلكم من آدم و آدم من تراب، لا فرق بين عربي
و أعجمي إلا بالتقوى«
.
زواجه: تزوج
الشاب عبد القادر مبكرا بلالاّ خيرة بنت عمه سيدي علي بو طالب، و كانت ذات أخلاق
عالية، فعندما بايعه الناس على تحمل مسؤولية قيادة الجهاد ضد الإستعمار
الفرنسي، و إدراكا منه لثقل المسؤولية
التي ستشغله عن أهله و بيته ذهب إلى زوجته و قال لها » لقد وضع القوم أمانة في عنقي، و من الواجب علي القيام بها، و إن
ذلك لا يدع مجالا لي حتى أقوم بواجباتي الزوجية على أكمل وجه، و لك إن أردت البقاء
معي من دون التفات إلى طلب حقوقك المقدسة، فإني أوافق الموافقة التامة على ذلك، و
إما ‘ن كان قصدك إلا تفرطي فيها فأمرك بيدك، و ذلك لأني قد تحملت ما يشغلني عنك «، فقبلت الزوجة
الصالحة ذلك و كانت تعلم مدى تقديس زوجها الأمير لحقوق الزوجة التي فرضها الإسلام
لها فقالت له » لقد رضيت لنفسي
ما ارتضيته لنفسك « .
و
أثناء جهاده مرّ يوما بالقرب من مقام زوجته و كانت لم تراه منذ عدة شهور فبعثت
إليه تطلب منه زيارتها فردّ عليها بأنه مزفوف إلى بلاده إي أنه تزوج بقضية وطنه و
شعبه. و رغم كل ذلك بقيت هذه الزوجة وفية
له لأنها كانت تدرك ثقل المسؤولية التي تحملها و إن قضية الوطن و العقيدة فوق كل
شيء. و كان الأمير يتألم من فراق زوجته فله قصيدة طويلة يغازلها فيها و يقول في
بعض أبياتها:
ألا
هل يجود الدهر بعد فـراق فيجمعنا و
الدهر يجري إلى الضد
و أشكو ما قد نلت من ألم و
ما تحمله ضعفي و عالجـه جهـدي
لكي تعلمي أم البـنـين
بـأنه فراقك نار و اقترابـك من
خلـد