
تناول محور المحاضرة
استراتيجية جياب في مراحلها الثلاث, فأوضح المحاضر أنها بنيت على استراتيجية ماو
الصينية في حرب العصابات, ونجح الجنرال جياب في تطبيق المرحلتين الأولى والثانية
من هذه الاستراتيجية, ولكنه فشل في تطبيق المرحلة الثالثة في المعارك الثلاث ضد
الجنرال ده لاتر.
المرحلة الأولى التي حملت عنوان الدفاع الاستراتيجي, اعتمد جياب على الوقت الطويل
غير المحدد الذي يتطلب أرضاً شاسعة جداً, لذلك تحلى بالصبر واختار منطقة الحدود
الصينية الفيتنامية وأثمر صبره انتصار الصين الشعبية بزعامة ماو السياسية وقيادة
المارشال لين بياو الذي أفاد جياب بخبراته في العمليات الحربية ضد الصين الوطنية.التزم جياب الحذر الشديد وذلك بالامتناع عن القيام بعمليات هجومية ضد
قوات الجيش الفرنسي القوية, نظراً لتفوقها الهائل في مختلف الأوجه العسكرية,
منتظراً الظرف السياسي المناسب الذي يمكن أن يحول الضعف الى قوة. وبانتظار ذلك
الحين, عمل على بناء قاعدة سياسية داخل البلاد عن طريق توعية السكان في المناطق
القريبة من قواعده.
المرحلة الثانية التي تحمل عنوان التوازن الاستراتيجي, بدأ الجنرال جياب بتركيز
اهتمامه على حرب العصابات, ونظم وحداته بحيث تصبح على أهبة الإستعداد للتحول من
الدفاع الاستراتيجي الى الهجوم المحدود المهمات وذلك بمهاجمة الحاميات الفرنسية
المعزولة عن قاعدتها, وفي الوقت نفسه يؤمن لها ذلك تدريباً عملياً على الحرب
الفعلية في إطار مصغر.
المرحلة الثالثة التي انتقل فيها
جياب الى الهجوم الاستراتيجي, فشل الجنرال في معاركه الثلاث ضد الجنرال لاتر بسبب
العقبات الكثيرة التي اعترضته. ففي العملية الأولى التي كان هدفها مدينة هانوي,
كان الدفاع الفرنسي في المناطق المحيطة بها هائل جداً, وكانت خطوط المواصلات
الفرنسية قصيرة بينما خطوط قوات جياب طويلة, وذلك يعني أن نجدات الشيوعيين معرضة
لهجمات الطيران الفرنسي قبل المعركة وأثناء القتال وبعده, والشيء نفسه يصح بالنسبة
الى التموين بالذخيرة والغذاء, فمناطق العمليات مكشوفة لطيران فرنسا وتحركات
الجنود يمكن رصدها بالعين المجردة. بالاضافة الى ذلك, فإن وسائل النقل الإنساني
والحيواني لا تؤدي الى نتيجة طالما أن العدو يتحرك بسرعة ويمكنه تطوير المعركة
بسرعة لتوفير المرونة وسرعة الحركة.
وإذا أضفنا الى ذلك خبرة
عناصر الجيش الفرنسي القتالي المكتسبة محلياً وفي معاركه في الحرب العالمية الثانية
نجد أن مهمة جياب مستحيلة.لم يتأثر وضع الجنرال جياب بعد فشل العمليات الحربية الثلاث, وظل
يتمتع بثقة هو شي منه الزعيم الشيوعي وذلك لقناعة الأخير بولائه, وكفايته العسكرية
وخدماته الكبيرة للثورة.