
حصل غيفارا بعدها على وظيفة إضافية وهي منصب رئيس البنك الوطني والتي وضعت تشي في ذروة قوته إضافة إلى كونه وزير الصناعة وجعلته القيصر "الافتراضي" للاقتصاد الكوبي.كان أول أهدافه هو تنويع اقتصاد كوبا فضلا عن القضاء على الحوافز المادية لصالح الدوافع الأخلاقية. كان ينظر إلى الرأسمالية على أنها مسابقة "بين الذئاب" حيث "لا يسع المرء إلا بالفوز على حساب الآخرين" وبالتالي المطلوب أن نرى إنشاء "الرجل والمرأة الجديدين". شدد غيفارا باستمرار على أن الاقتصاد الاشتراكي في حد ذاته لا "يستحق كل هذا الجهد والتضحية ومخاطر الحرب والدمار" إذا انتهى بتشجيع "الجشع والطموح الفردي على حساب الروح الجماعية.وهكذا أصبح الهدف الرئيسي لغيفارا هو إصلاح "الوعي الفردي" والقيم على تقديم أفضل العمال والمواطنين.في رأيه كان على "الرجل الجديد" لكوبا أن يكون قادرا على التغلب على الأنانية وحب الذات الذين كان يكرههما بشكل شديد لأنهما سمة من سمات الأفراد في المجتمعات الرأسمالية. قال غيفارا ما يلي في وصف هذا الأسلوب الجديد من التنمية:
**هناك فرق عظيم ما بين تنمية المشاريع الحرة وبين التنمية الثورية. في إحداهما تتركز الثروة في أيدي محظوظين قليلين أصدقاء الحكومة، وأفضل تجار السيارات والدراجات النارية وفي الآخر تتركز الثروة في تراث الشعب.**
من معتقدات غيفارا أن هناك جزء لا يتجزأ من مواصلة تعزيز الشعور "بالوحدة الوطنية بين الفرد والجماعة" وهو العمل التطوعي. لعرض هذا، قام غيفارا بالقيادة وتقديم المثل، وهذا عن طريق العمل "إلى ما لانهاية في وظيفته في الوزارة في مجال البناء وحتى قطع قصب السكر" في أيام عطلته. كان معروفا بالعمل 36 ساعة متواصله داعيا لاجتماعات بعد منتصف الليل وتناول الطعام بشكل عارض.وكان هذا السلوك يليق بغيفارا في طريقته الجديدة للتحفيز المعنوى حيث كان المطلوب من كل عامل الآن تلبية حصة وإنتاج عدد معين من السلع ومع ذلك تم إلغاء الزيادات في الأجور وذلك بتقديم بديل وهو نظام يسمح للعمال عند تجاوز حصتهم الحصول على شهادة ثناء في حين أن العمال الذين فشلوا في الوفاء بحصصهم يتم تخفيض أجورهم. دافع غيفارا عن فلسفته الشخصية والدافع ورائها قائلا: **هذا لا يعني كم يستطيع أحدهم أن يأكل ولا يعني كم مرة يذهب إلى الشاطئ في السنة أو كم قطعة من الحلي يستطيع أحدهم أن يشتري من خارج البلاد بمصروفه الحالي. ما يهم فعلا هو أن يشعر الفرد أكثر اكتمالا مع ثراء داخلي أكبر ومسؤولية أكبر.**

بغض النظر عن مزايا أو عيوب المبادئ الاقتصادية لغيفارا وبرامجه الذي انتهى قريبا بالفشل.برنامج غيفارا " للحوافز المعنوية" للعمال تسبب بانخفاض سريع في الإنتاجية وارتفاع سريع في التغيب عن العمل.في 17 نيسان 1961، دربت الولايات المتحدة ألفا وأربعمائة من المنفيين الكوبيين لغزو الجزيرة في حادثة غزو خليج الخنازير. لم يلعب غيفارا بنفسه دورا أساسيا في القتال لأن قبل يوم من الغزو قامت سفينة حربية تنقل قوات مشاة البحرية مزورة بالغزو قبالة الساحل الغربي لبينار دل ريو، وتم توجيه القوات بقيادة غيفارا إلى تلك المنطقة. ومع ذلك يعطي المؤرخون غيفارا الفضل حيث كان مديرا تنفيذيا للقوات المسلحة الكوبية في ذلك الوقت ومن حقه حصة من هذا النصر.شرح الكاتب تاد شولك الفوز الكوبي الذي يسند بعض الفضل لغيفارا قائلا: إن الثوريين فازوا لأن تشي غيفارا بصفته رئيسا لإدارة القوات المسلحة الثورية والمسؤول عن برنامج تدريب الميليشيات قاموا بإعداد جيد جدا ل200.000 من الرجال والنساء للحرب. كما أصيب غيفارا خلال هذا الانتشار من مرور رصاصة بخده من مسدسه عندما سقط من الحافظة وانطلقت الطلقة بطريق الخطأ.
في أغسطس 1961 على هامش المؤتمر الاقتصادي لمنظمة الدول الأمريكية في بونتا دل استي في أوروغواي، أرسل تشي غيفارا مذكرة "امتنان" للرئيس الأميركي جون كينيدي عن طريق ريتشارد غودوين - وهو سكيرتير شاب في البيت الأبيض - نصها كما يلي: شكرا لما حدث في خليج الخنازير. قبيل هذا الغزو كان الثوار غير واثقين من أنفسهم والآن هم أقوى من أي وقت مضى.قام وزير الخزانة دوغلاس ديلون بعرض ردا من الولايات المتحدة للتحالف من أجل التقدم التصديق عليه من قبل الجلسة وهاجم غيفارا بعدوانية مطالبة الولايات المتحدة بكونها ديمقراطية مشيرا إلى أن مثل هذا النظام لا يتوافق مع ما يحدث من الطغمة المالية والتمييز ضد السود والاعتداء من قبل جماعة كو كلوكس كلان.استمر غيفارا متحدثا ضد الاضطهاد أنه في رأيه قاد علماء مثل اوبنهايمر لعزلهم من وظائفهم، انهى غيفارا تصريحاته بتلميح ساخرا من أن الولايات المتحدة ليست مهتمة باقامة إصلاحات حقيقية. الخبراء الأمريكيون لا يتحدثون أبدا عن الإصلاح الزراعي ويفضلون مواضيع آمنة مثل تحسين إمدادات المياه. باختصار يبدو أنها تستعد لثورة المراحيض.
كان غيفارا مهندسا عمليا للعلاقات الكوبية السوفيتية،ثم لعب دورا رئيسيا في جلب الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية إلى كوبا من الاتحاد السوفيتي والتي أدت إلى أزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر 1962 وجعلت العالم على شفى الحرب النووية. خلال مقابلة مع الصحيفة الشيوعية البريطانية العمال اليومية بعد أسابيع قليلة من الأزمة كان غيفارا لا يزال غاضبا بسبب الخيانة المتصورة من السوفييت وذكر أنه إذا كانت الصواريخ تحت السيطرة الكوبية لكانوا قد أطلقوها على الفور. أشار المراسل البريطاني سام راسل الذي تحدث إلى غيفارا في ذلك الوقت، إلى مشاعر مختلطة واصفا إياه بأنه شخصية دافئة وأنه رجل استخبارات كبير لكن الصواريخ بالنسبة له هي كالمفرقعات،أقنعت أزمة الصواريخ غيفارا بأن اثنين من القوى العظمى في العالم - الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي - تستخدم كوبا بمثابة رهان في إستراتيجياتها العالمية. بعد ذلك أصبح يندد بالسوفيات تقريبا مع كل شجب للأمريكيين.