بالمنفي بدمشق

و لم ينجح الأمير في مساعيه إلا بعد مجيء نابليون
الثالث إلى الحكم في فرنسا عام 1851 بعد القيام بثورة ضد الملك لوي فيليب. فاستقر
الأمير ببروسة بتركيا منذ عام 1853 و
غادرها في عام 1855 بعد أن حطمها زلزال عنيف،فتوجه إلى إسطنبول و منها إلى دمشق
بسورية فاستقر بها و اتخذها مكانا لإقامته مع عائلته. و قد قام بدور إنساني كبير
في منفاه حيث أنتقذ آلاف المسيحيين من القتل على يد مسلمين متعصبين عام 1860 و ذلك
عندما أثار المستعمران الفرنسي و البريطاني فتنة بين المسلمين و المسيحيين ليتخذ
ذلك ذريعة لدخول سورية ثم احتلالها، و لكن الأمير عبد القادر نجح في إطفاء نار
الفتنة إنطلاقا من سمعته و تأثيره
و إدراكا منه لقوق أهل الكتاب الذين يعيشون في بلاد الإسلام فقد قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم» من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة،
و إن ريحها لتوجد من سبعين عاما « و يقول أيضا » إلا من ظلم
معاهدا " مثل أهل الذمة " أو كلّفه
فوق طاقته، أو انتقصه حقه أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفسه فأنا حجيجه يوم
القيامة «. و هكذا اوقف
الأمير جيشها بإيقافه للفتنة، فأنقذ بذلك سورية من الإحتلال الفرنسيفي القرن19 م.
و قد اكتسب الأمير عبد القادر إحترام العالم كله
و أعطى صورة نموذجية للمسلم الذي يدافع عن وطنه و يعمل من أجل بناء بلاده و
تقدمها، و يتسامح مع أصحاب الأديان الأخرى،
و يتحلى بالأخلاق العالية و يحترم كلمته و عهوده، و بذلك الإحترام العالمي
الذي اكتسبه شارك إلى جانب كبار قادة و ملوك العالم في احتفالات افتتاح قناة
السويس في مصر عام 1869.
ألف الأمير عبد
القادر الكثير من الكتب في منفاه و أهمها:
-
المقراض الحاد لقطع لسان الطاعن فيدين الإسلام من أهل الباطل و الإلحاد.
-
ذكرى العاقل وتنبيه الغافل : ضمنه آراءه في التاريخ و الفلسفة و الدين و
الأخلاق و الإصلاح الإجتماعي .
-
المواقف : كتاب في التصوف .